معلومات عن الكتاب :



يندرج هذا الكتاب «خلوة الغلبان» لمؤلفه الروائي المصري إبراهيم أصلان تحت نوع من أنواع الأدب هو أدب السيرة الذاتية والتي لا يعتمد الكاتب فيها على الحديث عن مشوار حياته منذ الطفولة وكما يفعل الكثيرون، ولكنه يعتمد على سرد بعض المواقف والحديث عن بعض الشخصيات الذين توقف عندهم. يتحدث أصلان صاحب «مالك الحزين» و«بحيرة المساء» و «بندول من نحاس» وغيرها من الأعمال عن علاقته بالشاعر الكبير عبدالوهاب البياتي فيقول: لا أظن أن أحدا ممن يعرفون طاقتنا المحدودة يتوقع مني أن اتحدث عن البياتي بوصفه شاعرا فلقد فعل ذلك من هم أكثر قدرة مني وسوف يفعلون مادام الشعر والشعراء، ولكني اكتفي بأن أقول إنه أول كاتب عربي كبير يبدي اهتماما بعملي منذ بداياتي الأولى، كما كان أول من سعى متطوعا كي تتم دعوتي أول مرة لأرى بلدا آخر غير مصر، كما أن عنوان مجموعتي القصصية الأولى «بحيرة المساء» هو شطرة استعرتها من إحدى قصائده وأنه عندما تفاقمت الحالة العامة مطالع السبعينيات ولاحظ ما أنا عليه، كان حريصا على أن يختلي بي لكي يخبرني بأن على الواحد أن يعيش ويراقب ما شاء شرط أن يحرص على بقاء مسافة بينه وبين الواقع، مسافة يأمن معها ألا ينكسر قلبه، وأنا لا أنسى هذه الوصية لأنها شأن الوصايا التي لا تنسى، قبلت في وقتها تماما، لم يقلل من قيمتها أن القلب قد انكسر فعلا.
يتحدث اصلان عما يعرف بمناسبات التوقيع، أي يقوم الكتاب بالتوقيع على مؤلفاتهم التي يشتريها القراء، وهذا تقليد أساسي في دور الغرب كلها، كما أنه عرف طريقه إلى بعض من بلداننا العربية في معرض «سانت إتيان» كانت المرة التي وجد أصلان نفسه مطالبا بالقيام بهذا الأمر ولكنه لم يستطع
وعن ذلك يقول: «شعرت أن الجلوس هكذا في انتظار من يشتري وكأنني أجلس وراء بضاعة وأن أحداً قد لا يأتي ليشتري شيئا، هي مسألة محرجة وأنا في غنى عنها تماما، فأنا لست كاتبا إلى هذه الدرجة».
لم يكن أصلان راضيا عن موقفه هذا ولكن مشكلته كما يروي كانت متعلقة بمسألة الانتظار والبيع والشراء نفسها وخصوصا أنه في مناسبة ترجمة أخرى بعد ذلك بوقت قصير وقع على العديد من النسخ وفي عدد كبير من المدن الألمانية والسويسرية دون أي حرج، فلم يكن هناك معرض ولم يكن ينتظر أحداً، بل كانت الندوة تنتهي ويروح يمضي وقته، أثناء حفل الاستقبال يتجول في المكان ومن يرد توقيعه كان. وكما يقول ـ يبحث عنه ويأتي بالنسخة إلى حيث مكانه بعد أن يكون قد اشتراها بعيدا عنه، حينئذ كان يتناول القلم ويوقع من دون احساس بحرج ولا يحزنون.
أسماء كثيرة ذكرها أصلان في مؤلفه، بعضها كانت تربطه بها صداقة وبعضها كان يعرفها بحكم الجيرة في منطقة «الكيت كات» بإمبابة حيث مسكنه، وأخرى قابلها في سفراته المتعددة للخارج ومنها جاك جسون الذي تحدثنا عنه، وسيدة فرنسية التقاها في معرض سانت إتيان كانت تذهب يوميا للمعرض لتقلب في الكتب الموجودة
ولكنها لم تكن لتشتري أياً منها لعدم قدرتها من الناحية المالية وكيف أنه أهداها كتابه عندما عرف حكايتها، وأيضا تحدث عن فتاة مغربية قابلها في ذات المعرض حيث كانت تعمل.. ودار بينهما حوار طويل عن مصر والمغرب التي زارها أصلان أكثر من مرة وحكي لها عن أصدقائه من الأدباء المغاربة أمثال محمد شكري وإدريس الخوري والاشعري وبن حميش وغيرهم وهى فرحة جدا بكلامه.
يفاجئ أصلان قارئ الكتاب بعنوان «لقاء وحيد مع العقاد» فيعتقد أنه قابله وجلس معه وكانت هناك مناقشات وحوارات وما إلى ذلك، إلا أن القارئ يكتشف الخدعة حيث لم يتعد الأمر مجرد رؤيته للعقاد في عام 1963 في شارع شريف وسط القاهرة وهو في طريقه إلى إحدى المكتبات ولكنه مع ذلك يستغل هذا الموقف للحديث عن العقاد وكيف أنه ظل يمثل بالنسبة له حالة من حالات الرعب الذي لا ينتهي حتى بعد أن قرأ له بعضا من عمله الكبير دون أن يتحول ـ وحسب قوله ـ إلى واحد من قرائه المولعين ولا الكارهين.
يروي أصلان: فلقد حدث أنني الآخر لم احصل إلا على الابتدائية القديمة ثم كنت أروح وأرجع أمام الأهل والأصدقاء محملا بمزيد من الكتب مما جعلني معرضا بين الحين والآخر لسماع هذه العبارة المؤذية: حضرته فاكر نفسه العقاد،
وهكذا تحول الرجل الذي مثّل مع طه حسين جناحي الاسطورة التي هيمنت على حياتنا الفكرية والروحية إلى مدخلا للزراية، وكأن أبي عندما تأتي سيرة العقاد يقول وهو قاعد على الكنبة بسبحته:«ياباي.. ده جبار» مع أنه لم يكن قد قرأ له حرفا واحدا، ولكن ذلك زمن كان الكُتاب يتحولون فيه إلى جمل من المعاني الكبيرة التي تكتسب حياتها المستقلة عن حياة أصحابها التي تشيع بين الناس وتؤثر فيهم أكثر مما تؤثر كتاباتهم ذاتها. 




هل أعجبك الموضوع ؟
ارسال تعليق


التعليقات : 0

إرسال تعليق


رسالة أحدث رسالة أقدم الصفحة الرئيسية