معلومات عن الكتاب :
يحظى الكُّتاب الروس بمكانة مرموقة بين صفوة الكتاب العالميين، فقد تميزوا بقدرتهم على التعبير عن مكنونات النفس البشرية وما يعتمد بداخلها من عواطف ومشاعر كما عرف عنهم اهتمامهم بالأسلوب الذي بلغ معهم أرفع مستوى. وقد عمقوا بأعمالهم الأدبية الرائعة صلات التواصل بين البشر، إذ بحثوا أموراً ومواضيع مشتركة تهم جميع الناس مهما اختلفت مشاعرهم، فلقد عالجوا قضايا الوجود الكبرى التي تشغل بال الناس والتي يبحثون لها عن حلول.
ودستويفسكي ليس استثناءً من هذا فقد عرف بتوجهه الإنساني وبنزعته الفلسفية التي بدت واضحة في أعماله الأدبية حيث يتجلى في هذه الرواية التزاوج بين الصنعة الفنية والبعد الفكري الذي يضفي على الرواية ملمحاً رسالياً إن صح القول. وليس ذلك بمستغرب فإن دوستويفسكي كاتب يشكل بحد ذاته وحدة متكاملة وعالماً شائع الأرجاء يضطرم بشتى أنواع الفكر والصراعات، حتى تختلط العناصر ولا تتميز عن بعضها.
ولعل هذا العمل هو صورة عن مصيره الذاتي ولربما عبر فيه عن نفسه أكثر مما فعل في كتب أخرى. فالبطل هنا بلغ به الحال أن ارتضى بما أحاطه من شظف وجوع بعد أن كان يشعر بمرارة وألم. وهذا ما يميز دوستويفسكي إذ عاش طفولة بائسة حيث كان أبوه طبيباً عسكرياً.
أما بحثه في هذه الرواية كما تبين من عنوانها فهو موضوع الجريمة وقضية الخير والشر التي ترتبط بالجريمة، فهو يصور ما يعتمل في نفس المجرم وهو يقدم على جريمته، ويصور مشاعره وردود أفعاله، كما يرصد المحرك الأول والأساس للجريمة حيث يصور شخصاً متمرداً على الأخلاق. يحاول الخروج عليها بكل ما أوتي من قوة، إذ تدفعه قوة غريبة إلى المغامرة حتى ابعد الحدود لقد اكتشف بطل الرواية راسكولينوف أن الإنسان المتفوق لذا شرع بارتكاب جريمته ليبرهن تفوقه، لكن العقاب الذي تلقاه هذا الرجل كان قاسياً إذ اتهم بالجنون وانفصل عن بقية البشر وقام بينه وبين من يعرف حاجز رهيب دفعه إلى التفكير بالانتحار.
ارسال تعليق
التعليقات : 0
إرسال تعليق